كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الباقون إنه فإنه بكسر الألف فيهما على مذهب الحكاية كأنه لما قال كتب ربكم على نفسه الرحمة قال إنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم.
{ولتستبين سبيل المجرمين} 55.
قرأ نافع {ولتستبين} بالتاء سبيل نصب أي ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين فإن قال قائل أفلم يكن النبي صلى الله عليه وآله مستبينا سبيل المجرمين فالجواب في هذا إن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النبي صلى الله عليه فكأنه قيل ولتستبينوا سبيل المجرمين أي لتزدادوا استبانة لها ولم يحتج إلى أن يقول ولتستبين سبيل المؤمنين مع ذكر سبيل المجرمين لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بان معها سبيل المؤمنين.
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر {وليستبين} بالياء {سبيل} رفع وقرأ الباقون بالتاء.
اعلم أن السبيل يذكر ويؤنث جاء القرآن بالوجهين فالتأنيث قوله ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وقل هذه سبيلي والتذكير قوله وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا.
{إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين} 57.
قرأ نافع وابن كثير وعاصم {إن الحكم إلا لله يقص الحق} بضم القاف والصاد المعنى إن جميع ما أنبأ به أو أمر به فهو من أقاصيص الحق واحتج ابن عباس على هذه القراءة بقوله: {نحن نقص عليك} وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} و{ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} وأخرى قال مجاهد لو كان يقضي لكانت يقضي بالحق والعرب تقول قضيت بالحق قال الله جل وعز: {والله يقضي بالحق} بإثبات الياء والباء مع القضاء.
وقرأ الباقون {يقضي الحق} بالضاد وسكون القاف من قضى يقضي إذا حكم وفصل وحجتهم قوله: {وهو خير الفاصلين} والفصل يكون في القضاء لا في القصص وكان أبو عمرو يعتبر بهذه وقال إنما الفصل في القضاء لا في القصص وكان الكسائي يعتبرها بقراءة ابن مسعود قال وفي قراءته يقضي بالحق.
{توفته رسلنا وهم لا يفرطون} 61.
قرأ حمزة توفه {رسلنا} بالياء وقرأ الباقون بالتاء الوجهان جميعا جائزان لأن الجماعة يلحقها اسم التأنيث لأن معناها معنى جماعة ويجوز أيعبر عنها بلفظ التذكير كما يقال جمع الرسل والتأنيث كما قال قد جاءت رسل ربنا بالحق.
{تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجنا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} 63 و64.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {لئن أنجانا من هذه} بغير تاء على لفظ الخبر عن غائب بمعنى لئن أنجانا الله وحجتهم أنها في مصاحفهم بغير تاء.
وقرأ الباقون {لئن أنجيتنا} بالتاء على الخطاب لله أي لئن أنجيتنا يا ربنا وحجتهم ما في يونس لئن أنجيتنا من هذه وهذا مجمع عليه فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {قل الله ينجيكم منها} بالتشديد من نجى ينجي وحجتهم إجماعهم على تشديد قوله قبلها قل من ينجيكم من ظلمات فكان إلحاق نظير لفظه به أولى من المخالفة بين اللفظين.
وقرأ الباقون {قل الله ينجيكم} بالتخفيف وحجتهم قوله لئن أنجيتنا من هذه ولم يقل نجيتنا.
قرأ أبو بكر {تضرعا وخفية} بكسر الخاء وفي الأعراف مثله وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان مثل رشوة ورشوة من أخفيت الشيء إذا سترته والتي في خاتمة الأعراف تضرعا وخيفة وهو من الخوف فتقلب الواو ياء للكسرة التي في الخاء.
{وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} 68.
قرأ ابن عامر {وإما ينسينك الشيطان} بالتشديد تقول نسيت الشيء وأنساني غيري ونساني أيضا وحجته ما جاء في الحديث: «لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا وكذا بل هو نسي».
وقرأ الباقون {وإما ينسينك} بالتخفيف من أنساني غيري وحجتهم قوله: {فأنساه الشيطان ذكر ربه} ولم يقل فنساه.
{كالذي استهوته الشيطين} 71.
قرأ حمزة {كالذي استهوته الشياطين} بالياء ذهب إلى جمع الشياطين.
وقرأ الباقون استهوته بالتاء ذهبوا إلى جماعة الشياطين.
{فلما جن عليه الليل رأى كوكبا... فلما رأى القمر... فلما رأى الشمس} 76، 78.
قرأ أبو عمرو {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا} بفتح الراء وكسر الهمزة وإنما كسر الهمزة لمجاورة الياء والألف هي الممالة وأشير إلى كسر الهمزة كما يشار إلى كسر الميم في قوله: {ولكن الله رمى} وإلى كسر الضاد في قوله: {ثم قضى} فكذلك كسر الهمزة لمجاورة الألف الممالة.
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر {رإى كوكبا} بكسر الراء وإنما كسروا الراء لمجاورة الهمزة ومن العرب من يقول رمى بكسر الراء والميم.
وقرأ أهل الحجاز وحفص بفتح الراء والهمزة على أصل الكلمة والأصل رأى مثل رعى فقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت ألفا في اللفظ ياء في الخط.
قرأ حمزة وأبو بكر رأى القمر ورأى الشمس بكسر الراء وفتح الهمزة.
وقرأ الباقون بفتح الراء وحجتهم في ذلك أن الراء إنما كسرت لمجاورة الهمزة المكسورة والهمزة كسرت لمجاورة الياء فلما سقطت الياء عادت الهمزة إلى أصلها فلما عادت الهمزة إلى أصلها عادت الراء إلى أصلها.
وحجة من كسر الراء وفتح الهمزة أن الياء لما سقطت فعادت الهمزة إلى الفتح الذي هو أصلها لم يبق في الفعل ما يدل على مذهبه فترك في الراء من الكسر ما يدل على مذهبه.
{أتحاجوني في الله} 80.
قرأ نافع وابن عامر أتحاجوني بتخفيف النون.
وقرأ الباقون أتحاجوني بالتشديد الأصل أتحاجونني بنونين الأولى علامة الرفع والثانية مع ياء المتكلم في موضع النصب.
فاجتمع حرفان من جنس واحد فأدغموا الأولى في الثانية ومثله {أفغير الله تأمروني}.
وأما نافع فإنه كره الجمع بين نونين فحذف إحدى النونين طلبا للتخفيف وحجته قول الشاعر:
تراه كالثغام يعل مسكا ** يسوء الفاليات إذا فليني

أراد فلينني فحذف إحدى النونين.
{نرفع درجات من نشاء} 83.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {نرفع درجات من نشاء} بالتنوين جعلوا المرفوع هو الإنسان وحجتهم في ذلك أن الله قد بين معنى هذا الكلام في غير موضع من القرآن فجعل المرفوع هو الإنسان وبين فضل من أحب أن يفضله بأن يرفعه فقال: {يرفع الله الذين آمنوا منكم} وقال: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما} فجعلهم هم المرفوعين دون الدرجات وفي الآية تقديم وتأخير المعنى نرفع من نشاء درجات ومن في موضع النصب ونجعل درجات مفعولا ثانيا أو حالا.
وقرأ الباقون {نرفع درجات} بغير تنوين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال كقولك نرفع أعمال من نشاء فجعل اليزيدي الرفع للأعمال دون الإنسان والذي يدل على هذا أن الآثار قد جاءت في الدعاء مضافة كقولهم للميت اللهم شرف بنيانه وارفع درجته ولا يقال ارفعه وقد روي في التفسير في قوله: {نرفع درجات من نشاء} أي في العلم.
{وإسمعيل واليسع} 86.
قرأ حمزة والكسائي والليسع بلامين وحجتهما في ذلك أن الليسع اشبه بالأسماء الأعجمية ودخول الألف واللام في اليسع قبيح لأنك لا تقول اليزيد ولا اليحي وتشديد اللام أشبه بالأسماء العجمية.
وقرأ الباقون واليسع بلام واحدة وحجتهم ذكرها اليزيدي عن أبي عمرو فقال هو مثل اليسر وإنما هو يسر ويسع فردت الألف واللام فقال اليسع مثل اليحمد قبيلة من العرب واليرمع الحجارة والأصل يسع مثل يزيد وإنما تدخل الألف واللام عند الفراء للمدح فإن كان عربيا فوزنه يفعل والأصل يوسع مثل يصنع وإن كان أعجميا لا اشتقاق له فوزنه فعل تجعل الياء أصلية.
قال الأصمعي كان الكسائي يقرأ الليسع ويقول لا يكون اليفعل كما لا يكون اليحي قال فقلت له اليرمع واليحمد حي من اليمن فسكت.
ومن قرأ بلامين وزنه فيعل اللام أصلية مثل صيرف ثم أدخلت الألف واللام للتعريف فقلت الليسع مثل الصيرف والله أعلم.
{فبهداهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا} 90.
قرأ حمزة والكسائي {اقتد قل لا أسألكم} بغير هاء في الوصل وحجتهما في ذلك أن الهاء إنما دخلت للوقف ولبيان الحركة في حال الوقف فإذا وصل القارئ قراءته اتصلت الدال بما بعدها فاستغنى عن الهاء لزوال السبب الذي أدخلها من أجله فطرحها.
وقرأ الباقون بإثبات الهاء في الوصل وحجتهم في ذلك أنها مثبتة في المصحف فكرهوا إسقاط حرف من المصاحف.
وقرأ ابن عامر اقتدهي بالإشباع جعلها اسما قال بعض أهل البصرة جعل ابن عامر الهاء فيه ضميرا لمصدر وهو الاقتداء كأن الأصل فيه فبهداهم اقتد اقتداء ثم أضمر الاقتداء فقال بهداهم اقتدهي.
{قل من أنزل الكتب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} 91.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا} والياء قال أبو عمرو يعني أهل الكتاب وعلمتم ما لم تعلموا يعني المسلمين لأن العرب لم يكن لها قبل ذلك كتاب وحجته قوله جاء به موسى نورا وهدى للناس أي يجعله الناس قراطيس يعني اليهود فلما قرب الفعل منهم جعل الفعل لهم.
وقرأ الباقون بالتاء قال أبو عبيد التاء تختار للمخاطبة قبلها وبعدها فالتي قبل قوله قل من أنزل الكتاب والتي بعدها قوله وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم يعني وعلمتم فيما أنزله عليكم في الكتاب ما لم تعلموا فكأن قراءتهم ما توسط بين الخطابين من الكلام على لفظ ما قبله وما بعده ليأتلف نظام الكلام على سياق واحد أولى.
{وهذا كتب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها} 92.
قرأ أبو بكر {ولينذر أم القرى} وحجته قوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} أي لينذر الكتاب أهل مكة.
وقرأ الباقون بالتاء أي لتنذر أنت يا محمد أهل مكة وحجتهم قوله: {إنما أنت منذر}.
{لقد تقطع بينكم} 94.
قرأ نافع والكسائي وحفص {لقد تقطع بينكم} بالفتح أي لقد تقطع ما بينكم كذا قال أهل الكوفة واستدلوا عليه بقراءة عبد الله لأن في قراءته لقد تقطع ما بينكم ف ما عندهم موصولة وبين صلة وحذفوا الموصول وهو ما وبقيت الصلة وهي بينكم.
وعند أهل البصرة غير جائز هذا لأن الصلة والموصول اسم واحد ومحال أن يحذف صدر الاسم ويبقى آخر الاسم ولكن التقدير لقد تقطع الأمر بينكم والسبب بينكم لأن الأمر والسبب ليسا مما يحتاج إلى صلة ف بين إذا نصب على الظرف عند أهل البصرة والكوفة وإنما اختلفوا في تقدير الكلام.
{فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا} 96.
قرأ عاصم وحمزة والكسائي {وجعل الليل سكنا} بغير ألف.
وقرأ الباقون {وجاعل الليل} بالألف وكسر الليل وحجتهم قوله فالق الإصباح فأجروا جاعل الليل على لفظ ما تقدمه إذ أتى في سياقه ونصبوا والشمس والقمر على تأويل وجعل الشمس والقمر حسبانا قال الزجاج لأن في جاعل معنى جعل وبه نصب سكنا قال أبو عمرو ونصب الشمس والقمر على الإتباع لما قلت سكنا أتبعت النصب النصب.
وحجة من قرأ وجعل اليل سكنا هي أن الأفعال التي عطفت عليه جاءت بلفظ الماضي وهو قوله بعدها: {وهو الذي جعل لكم النجوم} 97 {وهو الذي أنشأكم} 98 {وهو الذي أنزل} 99 فلأن تكون معطوفة على شبهها ويكون ما تقدمها جرى بلفظها أولى.
{وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع} 98.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {فمستقر} بكسر القاف جعلا الفعل له أي فمنكم مستقر ومنكم مستودع تقول قر الشيء يقر واستقر يستقر بمعنى واحد وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال فمستقر في الرحم يعني الولد ومستودع في أصلاب الرجال كما تقول هذا ولد مستقر في رحم أمه وأنا مستقر في مكان كذا وعن الحسن البصري قال مستقر في القبر ومستودع في الدنيا يوشك أن يلحق بصاحبه قال الزجاج وجائز أن يكون فمستقر أي فمنكم مستقر في الأحياء ومنكم مستودع في الثرى فجعل أبو عمرو المستقر فاعلا والمستودع مفعولا.
وقرأ الباقون فمستقر بالفتح وحجتهم إجماع الجميع على فتح الدال في مستودع على معنى أن الله استودعه فكذلك مستقر موجه إلى أن الله استقره في مقره فهو مستقر كما هو مستودع في مستودعه وقوله: {ويعلم مستقرها ومستودعها} يشهد للفتح.
والوجهان يتداخلان لأن الله إذا أقره استقر ولا شك أنه لا يستقر حتى يقره فهو مفعول وفاعل.
قال الزجاج أما رفع فمستقر ومستودع فعلى معنى لكم مستقر ولكم مستودع أي فلكم في الأرحام مستقر ولكم في الأصلاب مستودع وجائز أن يكون مستقر في الدنيا ومستودع في الأصلاب لم يخلق بعد.
{فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه} 99.
قرأ الأعشى عن أبي بكر {وجنات} قال الفراء ولو رفعت الجنات تتبع القنوان كان صوابا.
وقرأ الباقون {جنات} نصب نسق على قوله: {خضرا} أي فأخرجنا من الماء خضرا وجنات من اعناب.